تحدى أحد أعضاء منتدى اللادينيين العرب (ومن الواضح أن له دين) الأعضاء اللآخرين (الذين لا دين لهم) بقوله:
"ايها اللاديني سالناك من الهك فلم تعرف! بل انكرته!!
سالناك عن الكون فقلت نظرية ..نظرية ..يقول العلماء..يعتقد .!
سالناك عن توازن الكون فاشرت الى الصدفة!!!
عن خلقك فقلت التطور....!
سالناك وسالناك ... بكل ثقة تجيبنا بالشك !
الحقيقة لا تعلمها انت لانك شاك اليس كذلك .
لكن هذا الكون
لو لا الشمس لما بقيت الحياة
ولولا دوران الارض حول نفسها لفنيت الحياة
ولولا الرياح لما بقيت الحياة
ولولا الماء السئل لما بقيت الحياة
ولولا الجبال لما بقيت الحياة
ولولا النبات لما بقيت الحياة
ولولا البحار لما بقيت الحياة
ولولا النبات لما بقيت الحياة
كل هذا من غير شيء...
التحدي هو سهل: لم حصل هذا التناسق على الارض...
لا ادري ما ستكون اجابتكم ....
ولكني ما علمته عنكم انكم لا تعلمون سوى يقول ويقال ونظرية وربما ...............
تحدي مفتوح لاصحاب العقول ........"
فقلت: صديقي المتحدي، الرد بسيط. أنت تقول بأن للطبيعة تناسق أو توازن وهو كالتالي: الحياة من جهة والجبال والماء السائل والرياح من جهة أخرى. عظيم أنا أوافقك الرأي بأن وجود الحياة التي نعرفها مشروط بوجود أطراف أخرى للمعادلة. وأنت تسأل من وضع المعادلة وتزعم بأن الحل الوحيد هو الله أي أن الله هو واضع المعادلة وليس سواه كما لا بد في رأيك من واضع للمعادلة حتى يحصل التوازن.
لنأخذ مثالاً بديلاً لكن مشابه لمثالك: لولا الكربون لما بقي قلم الرصاص، ولولا الخشب لما بقي القلم، ولولا المصنع لما كان القلم، ولو لا حاجة الناس للكتابة لما وجد القلم ولولا وجود الإنسان لما وجد القلم و لولا وجود الورق لما وجد القلم والسلسلة طويلة إذا نستنتج على طريقتك بأن الله خلق الكربون حتى يوجد القلم وخلق الخشب حتى يوجد القلم وخلق الناس والورق حتى يوجد القلم. أي أن القلم فكرة مجرة يسبق وجودها وجود الخشب وغيره ويطلبه شرطاً ضرورياً لازم التحقيق لأن فكرة القلم ضرورية ولازمة التحقيق أيضاً (لأن الله قرر ضرورة القلم). الحقيقة هي أن اجتماع الناس والخشب والكربون جعل وجود القلم ممكناً وإن لم يكن محتماً.
الغلط هنا أنك تفرض أن الحياة وجدت قبل وجود الطرف الثاني من المعادلة أي أن الله أوجد الحياة وشرط وجودها بوجود الرياح مثلاً ثم خلق الرياح ليحصل التوازن. الحقيقة أن الطرف الثاني وجد قبل الأول أي أن الرياح والجبال وجدت قبل الحياة (كما نعرفها) ولهذا كانت شرطاً لها. أي أن الماء وجد قبل الحياة ولذلك ظهرت الحياة ولو لم يكن هناك ماء لما ظهرت الحياة. يمكن أن تقول بأن الحياة التي تعتمد على الماء والرياح (الهواء) هي النمط الوحيد من الحياة. إذن السؤال هو: هل هناك شكل واحد للحياة وهذا الشكل يستوجب وجود الأوكسيجين والنتروجين والماء والحرارة المعتدلة وما إلى ذلك؟ أساس الحياة هو المادة المتحركة الذاتية الحركة والذاتية التكاثر. الصخرة تحتاج إلى دافع لتتحرك أما الخلية فتتحرك من ذاتها. السيارة تتحرك من ذاتها لكنها عاجزة عن التكاثر بذاتها. هل هناك شكل واحد للمادة الذاتية الحركة والذاتية التكاثر؟ أنا لا أعرف الجواب في الحقيقة.
لنفرض أن الخلية (بأنواعها المختلفة) هي نمط الحياة (أي الحركة والتكاثر) الوحيد الممكن. إذن لا وجود لحياة إلا بوجود وسط مشابه للوسط الأرضي. السؤال الآن ما هو إذن احتمال وجود الماء في الكون والتقائه في مكان واحد بالأوكسيجين والنتروجين والكربون بالنسب التي تؤدي إلى نشوء الحياة كما نعرفها أي ما هو احتمال وجود كوكب كأرضنا. إذا كان الجواب صفراً ومع ذلك نحن موجودون لآمنا بالخالق. لكن الحقيقة أن الإحتمال ضئيل لكنه ليس صفراً. هل يعني الإحتمال الضئيل أن الحياة على الأرض صدفة أوضربة حظ. هذا في الحقيقة فهم خاطئ للإحصاء. الإحتمال الضئيل لا يعني أن الحدث المرجو لن يقع ولو وقع لكان معجزة بل يعني أن العملية (التي تؤدي إلى الحدث المرجو) لو تكررت آلاف المرات لكان الحدث المرجو جزءاً صغيراً من نتائج العملية. أي لو كان احتمال وجود كوكب كالأرض 1 من 10 مليارات فهل يعني هذا أن وجود أرضنا معجزة. لا. وليس الجواب أيضاً أن أرضاً كأرضنا ستوجد حتماً لو كان هناك عشرة مليارات كوكب. الجواب رياضي بحت وهو أن أرضاً واحدة كأرضنا على الأقل ستوجد عندما يتناهى عدد الكواكب إلى اللانهاية. وبما أن عدد النجوم (و الكواكب بالإحتمال) كبير جداً (لا أعرف إن كان لا نهائياً) فإن وجود أرضنا يتفق مع النظرية. وحتى لو لم توجد أرضنا لكانت النظرية صحيحة. وحتى لو وجدت عدة كواكب كأرضنا لكانت النظرية صحيحة أيضاً.
إن كون الحياة كما نعرفها يعتمد على توازن احتمال وجوده ضئيل لا يعني أنها معجزة. كل ما يعنيه أنه ستوجد الحياة لو وجدت الشروط وإن لم توجد الشروط فلن توجد الحياة. هذا لا يعني أن مفهوم الحياة موجود وأن الله أوجد الشروط حتى توجد الحياة. الماء ليس موجوداً لأن الحياة موجودة. الحياة ليست مفهوماً مجرداً يوجد في عقل خالق.
أما أن تتذمر من قولنا "قال العلماء ويعتقد العلماء" فهذا سهل إصلاحه. أنا أقول لك على الطريقة القرآنية الحقيقة أن الهواء شرط للحياة وليس العكس فهل رضيت. الثقة ليست حجة وإذا كان القرآن واثق النبرة فإن الأدلة تنقصه ولا يكفي أن يقول لنا أنظر وتفكر عليه أن يشرح ويبرهن كما شرحت لك. الحقيقة أن القرآن يلقي دائماً عبء البرهان على كاهلنا وفي كل مرة نقوم بالمهمة على أكمل وجه فعليه الآن أن يشمر عن ساعديه ولو مرة ويرينا شرحاً مطولاً مقروناً بالأدلة والبراهين العلمية القابلة للتجربة فكيف نصدق البرهان إذا لم نكن قادرين على إعادته.